الاتحاد العمالي العام: لا تحتجوا، لا تغضبوا، إنه موسم السياحة

منذ نحو شهر، بدأ الاتحاد العمالي العام التهديد بتحركات احتجاجية. في الأول، احتج على الزيادة المهينة للحد الأدنى لأجور العاملين/ات في القطاع الخاص، وهو قرار اتخذته لجنة المؤشر، في 7 أيار 2025، التي يرأسها وزير العمل محمد حيدر ويشارك فيها الاتحاد. ثم تصاعد غضبه وتهديده مع فرض الحكومة ضريبة على المحروقات، بذريعة تغطية زيادة في أجور وتعويضات العسكريين الحاليين والمتقاعدين.

بيانات ومؤتمرات صحافية لا تبشر إلا بـ«إضرابات واعتصامات وتحركات في الشارع»، كما مثلاً في البيان الذي أصدره في 31 أيار، وطالب فيه بـ«تعديل الحد الأدنى للأجر في القطاع الخاص ودمج المساعدات في صلب الراتب للقطاع العام». 

وهذا التهديد تحديداً جاء بعدما كشف للجماهير ألاعيب السلطة الخبيثة، شارحاً أن «ايجارك وسلتك الغذائية ورسومك وضرائبك والخدمات ومدارسك مع الزيادات السنوية على دولار السوق، (…) وعندما تصل الحكومة إلى راتبك، إن كنت في القطاع العام أو الخاص، يتوقف الراتب عند سنة 2019 ويؤخذ منك كل شيء، (…) مسؤول يسعى إلى التفرقة، يعطي من يريد ويحرم من يريد ويزيد المحروقات على الجميع لتغطية بعضاً من الحقوق».

لم يهدأ غضب الاتحاد، المعروف بـ«الانتحال العمالي العام». ففي 4 حزيران عقد مؤتمراً صحافياً مع اتحادات ونقابات قطاع النقل البري. خلاصته كانت في إعلان رئيسه بشارة الأسمر أن تحركات احتجاجية كبيرة ستبدأ «الأسبوع المقبل»، على أن «تعقد اجتماعات موسعة للقطاعات العمالية كافة لدرس الخطوات الواجب اتخاذها»، فيما حددت اتحادات النقل البري يوم 12 حزيران موعداً لتحركها الغاضب. 

وفي 9 حزيران، صرح الأسمر لـ«Red TV» أن «الحل الوحيد لوقف هذا التصعيد هو تراجع الحكومة عن قرار الضرائب المجحفة على المحروقات»، بينما هدد بسام طليس، رئيس اتحادات ونقابات قطاع النقل البري، بالإضراب الشامل وقطع الطرقات.

ها نحن، اليوم، في 12 حزيران. لا تحركات ولا من يشل الحركة في بيروت وغيرها من المناطق. فهل تراجعت الحكومة عن قرارها؟ هل خضعت لهذه الضغوط والتهديدات وخافت من «الانفجار الاجتماعي»؟

كلا. لكن اجتماعين عقدا، في 10 و11 حزيران، مع رئيس الحكومة نواف سلام أنهيا الغضب المزعوم لهذه الاتحادات، وإن لم يحصّل ممثلوها غير وعود بإعادة «دراسة» القرارات السابقة، كما أعلن وزير العمل، أو «إعادة تقييم الزيادات التي طرحت»، وفق الأسمر.

من ذلك، يمكننا أن نشير إلى دور هذه الاتحادات كأدوات للضبط والتنفيس وإضعاف العمل النقابي وإلى آخره. لكن هذه من النوافل. الأساس يبقى في قرار اتخذه صديق العامل والفلاح رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي يلعب بهذه الاتحادات ويحركها منذ سنوات. ولديه، في هذا السياق، حجته المبهرة في دفع الغاضبين بعيداً عن الاحتجاج. فمن ضمن من شكرهم الأسمر على ما توصل إليه من اتفاق مع الحكومة، شكر بري «الذي رعى مبدأ أن تكون بداية الصيف جيدة وأن لا تكون هناك تحركات على الأرض تساهم بإضعاف الموسم السياحي، خاصة أننا نشهد تهديدات وتدخلات خارجية ملموسة أكثر وأكثر كل يوم».