منذ تشرين الأول 2019، راكمت "أخبار الساحة" أرشيفاً ضخماً من الفيديوهات والصور لاحتجاجات في مختلف المناطق، تتضمن توثيقاً للتحركات والمطالب والانتهاكات.
نسعى، عبر موقع إلكتروني، إلى تعميم هذه المواد لتكون متاحة للجميع، إيماناً منا بأهمية الذاكرة، والتجارب الحالية والسابقة، في تعزيز إمكانيات الاحتجاج ومراكمة خبراته وفعاليته.
ما يميز ثورة تشرين 2019 عما سبقها من تحركات احتجاجية، انتشارها وتشظيها ولا مركزيتها، بما يتجاوز العاصمة بيروت. وفي حين لا تحظى، غالباً، المناطق الطرفية بتغطية إعلامية كافية، يحاول التوثيق - كما عمل "أخبار الساحة" ككل على التأكيد على هذه الميزة، من بين مسائل أخرى، تتعلق بالانتهاكات الانسانية والحقوقية التي تعرض لها المحتجات/ون في مختلف المناطق، ومن قبل جهات رسمية وأخرى حزبية.
تتيح المادة الأرشيفية، التي جمعتها "أخبار الساحة" في الأشهر الماضية، وما ستجمعه في استمرار عملها الإخباري نفسه، نظرة عن قرب لما يشهده لبنان من حراك احتجاجي، يفيد في نشره وتنظيمه حسب المناطق وتسلسل الأحداث، مواطنات/ين ولاجئات/ين وناشطات/ين وباحثات/ين، ويسهم في إعادة قراءة ما يحصل ومراجعته ونقده.
لا تقتصر المنصة الأرشيفية لـ "أخبار الساحة" على فيديوهات، بل تقدم موجزاً خبرياً لما شهدته المناطق من تحركات ومواجهات، بالإضافة إلى صور وبيانات ومنشورات ترويجية، أصدرتها مجموعات، علنية أو مغفلة الهوية، وسبق لـ"أخبار الساحة" أن نشرتها ضمن دورة عملها اليومية.
ننظر إلى هذا المشروع على أنه عمل جماعي، يشارك فيها مئات وربما آلاف الأفراد الفاعلات/ين في المجتمع، فيما نعمل، من ضمن ما إخترناه عملاً لنا، على تنظيمه واتاحة سهولة الوصول إليه، فحسب.
من جهة أخرى، يمكن الاستفادة من الموقع نفسه في استكمال وتطوير مهمتنا الرئيسية في تغطية الاحتجاجات، من خلال استخدام المادة الخام، المتاحة لنا، في إنتاج مواد صحافية أكثر بلورة وتكون رديفاً مسانداً للانتاج الخبري المعتمد حالياً، بما في ذلك التقارير المكتوبة والمصورة الاخبارية والتوثيقية.
كان لغياب المنصات الإعلامية، تغييبها أو تغيّبها، دوراً أساسياً في تشكّل هذا المشروع. ناهضت هذه المؤسسات التحركات الإحتجاجيّة، وساهمت قصداً بتشويه الواقع والتحريض على المحتجات/ين. لهذا كانت بداية المشروع محاولة لتغطية الأحداث، "أخبار الساحة"، كما هي من وجهة نظر الشارع.
مع تراكم الموادّ البصرية، صار التوجّه لمشروع توثيقي لأهداف وأسباب عديدة:
حفظ الذاكرة (تحديداً البصرية)، وتالياً محاولة ضمان رواية أكثر دقّة للتاريخ النضالي، كونها تستند على سرد بصريّ تسلسليّ لمجموعة من الأحداث (ذاكرة حدثيّة). هذا إضافةً، إلى قدرتها على تقديم الحركات الاحتجاجية بشكل مكثف، عبر جمعها في منصة واحدة مفتوحة للجميع. وبهذا منع لمحاولة السلطات الدائمة، إلى طمس الانتهاكات والقمع الذي مارسته على طول هذه التحركات الاحتجاجية.
محاولة تقديم سرديّة للأحداث من وجهة نظر صانعيها وليس السلطة.
حفظ هذا الأرشيف في مكان آمن، لا يمكن مسحه أو الاضطرّار إلى تعديله ليتناسب مع سياسات بعض المنصّات أو الشركات الخاصّة، كـ"فايسبوك أو ويوتيوب…" بحجج عديدة "كالعنف، الكراهية، التحريض أو الخصوصية"، إلى آخره.
لا يدّعي هذا المشروع أرشفة شاملة للحركات الاحتجاجية. لكن ضخامة المادة التي نملكها، تؤسّس لمساحة قادرة على استيعاب موادّ جديدة، سواء تلك التي سنسعى إلى جمعها في مرحلة ثانية، أو التي ستصلنا بناء على استقبال المنصّة لمواد من مستخدميها ومن المهتمات/ين.
إتاحة الأرشيف ووضعه بمتناول الجميع. وهذا ما سيُمكّن المستخدمات/ين من الوصول إلى هذه المادّة البصرية بشكل أسهل وأكثر تنظيماً، ما يُشجّع على استخدامه وصنع محتوى جديد. وهذا ما يلتقي مع هدفنا الأساسي، حفظ الذاكرة البصرية للاحتجاجات الشعبية من التحريف، من مبدأ أن صناعة أي محتوى جديد سيستند إلى أرشيف "خام".
أرشيف الاحتجاجات في لبنان: توثيق وسرد بصريّ وتكثيف للحدث (العربي الجديد)
إعادة امتلاك السردية: "أخبار الساحة" توثّق احتجاجات لبنان (السفير العربي)